الدرس الحادي عشر : بعض أحداث السنة الأولى من الهجرة النبوية

الدرس الحادي عشر : بعض أحداث السنة الأولى من الهجرة النبوية

 

أَقَامَ رَسُولُ اللَّهِِِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِ أَبِي أَيُّوبَ الأنْصَارِيِّ، حَتَّى بُنِيَ لَهُ مَسْجِدُهُ وَمَسَاكِنُهُ، ثُمَّ انْتَقَلَ إلَى مَسَاكِنِهِ مِنْ بَيْتِ أَبِي أَيُّوبَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ .

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ مَرْثَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ اليَزَنيِّ، عَنْ أَبِي رُهْمٍ السَّمَاعِيِّ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو أَيُّوبَ، قَالَ : لَمَّا نَزَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِِِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِي، نَزَلَ فِي السُّفْلِ، وَأَنَا وَأُمُّ أَيُّوبَ فِي الْعُلْوِ، فَقُلْتُ لَهُ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، إنِّي لَأَكْرَهُ وَأُعْظِمُ أَنْ أَكُونَ فَوْقَكَ، وَتَكُونَ تَحْتِي، فَاظْهَرْ أَنْتَ فَكُنْ فِي الْعُلْوِ، وَنَنْزِلَ نَحْنُ فَنَكُونَ فِي السُّفْلِ؛ فَقَالَ : " يَا أَبَا أَيُّوبَ، إنَّ أَرْفَقَ بِنَا وَبِمَنْ يَغْشَانَا، أَنْ نَكُونَ فِي سُفْلِ الْبَيْتِ "

قَالَ : فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِِِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سُفْلِهِ، وَكُنَّا فَوْقَهُ فِي الْمَسْكَنِ ؛ فَلَقَدْ انْكَسَرَ حُبٌّ (1) لَنَا فِيهِ مَاءٌ فَقُمْتُ أَنَا وَأُمُّ أَيُّوبَ بِقَطِيفَةٍ لَنَا ، مَا لَنَا لِحَافٌ غَيْرَهَا، نُنَشِّفُ بِهَا الْمَاءَ، تَخَوُّفًا أَنْ يَقْطُرَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ شَيْءٌ فَيُؤْذِيَهُ .

قَالَ : وَكُنَّا نَصْنَعُ لَهُ الْعَشَاءَ، ثُمَّ نَبْعَثُ بِهِ إلَيْهِ، فَإِذَا رَدَّ عَلَيْنَا فَضْلَهُ تَيَمَّمْتُ أَنَا وَأُمُّ أَيُّوبَ مَوْضِعَ يَدِهِ، فَأَكَلْنَا مِنْهُ نَبْتَغِي بِذَلِكَ الْبَرَكَةَ، حَتَّى بَعَثْنَا إلَيْهِ لَيْلَةً بِعَشَائِهِ وَقَدْ جَعَلْنَا لَهُ بَصَلًا أَوْ ثُومًا، فَرَدَّهُ رَسُولُ اللَّهِِِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ أَرَ لِيَدِهِ فِيهِ أَثَرًا .

قَالَ: فَجِئْتُهُ فَزِعًا، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِِ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، رَدَدْتَ عَشَاءَكَ، وَلَمْ أَرَ فِيهِ مَوْضِعَ يَدِكَ، وَكُنْتَ إذَا رَدَدْتَهُ عَلَيْنَا، تَيَمَّمْتُ أَنَا وَأُمُّ أَيُّوبَ مَوْضِعَ يَدِكَ، نَبْتَغِي بِذَلِكَ الْبَرَكَةَ ؛ قَالَ: إنِّي وَجَدْتُ فِيهِ رِيحَ هَذِهِ الشَّجَرَةِ، وَأَنَا رَجُلٌ أُنَاجِي، فَأَمَّا أَنْتُمْ فَكُلُوهُ

قَالَ: فَأَكَلْنَاهُ، وَلَمْ نَصْنَعْ لَهُ تِلْكَ الشَّجَرَةَ بَعْدُ (2)

وَفَاةُ أَسَعْدَ بْنِ زُرَارَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ

وَمَاتَ فِي تِلْكَ الْأَشْهُرِ أَبُو أُمَامَةَ، أَسَعْدُ بْنُ زُرَارَةَ، وَالْمَسْجِدُ يُبْنَى، أَخَذَتْهُ الذِّبْحَةُ أَوْ الشَّهْقَةُ .

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيُّ: أَنَّهُ لَمَّا مَاتَ أَبُو أُمَامَةَ، أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ، اجْتَمَعَتْ بَنُو النَّجَّارِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَكَانَ أَبُو أُمَامَةَ نَقِيبَهُمْ، فَقَالُوا لَهُ : يَا رَسُولَ اللَّهِِ، إنَّ هَذَا قَدْ كَانَ مِنَّا حَيْثُ قَدْ عَلِمْتَ، فَاجْعَلْ مِنَّا رَجُلًا مَكَانَهُ يُقِيمُ مِنْ أَمْرِنَا مَا كَانَ يُقِيمُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِِِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُمْ : أَنْتُمْ أَخْوَالِي، وَأَنَا بِمَا فِيكُمْ، وَأَنَا نَقِيبُكُمْ؛ وَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِِِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَخُصَّ بِهَا بَعْضَهُمْ دُونَ بَعْضٍ .

فَكَانَ مِنْ فَضْلِ بَنِي النَّجَّارِ الَّذِي يَعُدُّونَ عَلَى قَوْمِهِمْ، أَنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِِِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَقِيبَهُمْ (3) .

المُعَاهَدَةُ النَّبَويِّةُ بِالْمَدِينَةِ

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِِِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كِتَابًا بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، وَادَعَ فِيهِ يَهُودَ وَعَاهَدَهُمْ، وَأَقَرَّهُمْ عَلَى دِينِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ، وَشَرَطَ لَهُمْ، وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِمْ (4) .

قُلْتُ : وَقَدْ سَاقَ ابْنُ إسْحَاقَ كِتَابَ المُوَادَعَةِ بِتَفَاصِيلِهِ , وَسَوفَ أُورِدُ بَعْضَ بُنُودِهِ :

- إِنَّ الْمُؤْمِنِينَ بَعْضُهُمْ مَوَالِي بَعْضٍ دُونَ النَّاسِ؛ وَإِنَّهُ مَنْ تَبِعَنَا مِنْ يَهُودَ فَإِنَّ لَهُ النَّصْرَ وَالْأُسْوَةَ، غَيْرَ مَظْلُومِينَ وَلَا مُتَنَاصَرِينَ عَلَيْهِمْ؛ وَإِنَّ سِلْمَ الْمُؤْمِنِينَ وَاحِدَةٌ، لَا يُسَالَمُ مُؤْمِنٌ دُونَ مُؤْمِنٍ فِي قِتَالٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إلَّا عَلَى سَوَاءٍ وَعَدْلٍ بَيْنَهُمْ .

- إِنَّهُ لَا يُجِيرُ مُشْرِكٌ (5) مَالًا لِقُرَيْشٍ وَلَا نَفْسَهَا، وَلَا يَحُولُ دُونَهُ عَلَى مُؤْمِنٍ .

- إِنَّهُ لَا يَحِلُّ لِمُؤْمِنٍ أَقَرَّ بِمَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ، وَآمَنَ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، أَنْ يَنْصُرَ مُحْدِثًا وَلَا يُؤْوِيهِ؛ وَأَنَّهُ مَنْ نَصَرَهُ أَوْ آوَاهُ، فَإِنَّ عَلَيْهِ لَعْنَةَ اللَّهِ وَغَضَبَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ.

- إِنَّ الْيَهُودَ يُنْفِقُونَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ مَا دَامُوا مُحَارَبِينَ .

- وَإِنَّ بِطَانَةَ يَهُودَ كَأَنْفُسِهِمْ؛ وَإِنَّهُ لَا يَخْرَجُ مِنْهُمْ أَحَدٌ إلَّا بِإِذْنِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

- إِنَّ عَلَى الْيَهُودِ نَفَقَتَهُمْ وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ نَفَقَتَهُمْ؛ وَإِنَّ بَيْنَهُمْ النَّصْرَ عَلَى مَنْ حَارَبَ أَهْلَ هَذِهِ الصَّحِيفَةِ . وَإِنَّ بَيْنَهُمْ النُّصْحَ وَالنَّصِيحَةَ، وَالْبِرَّ دُونَ الْإِثْمِ .

- إِنَّ يَثْرِبَ حَرَامٌ جَوْفُهَا لِأَهْلِ هَذِهِ الصَّحِيفَةِ .

- إِنَّهُ مَا كَانَ بَيْنَ أَهْلِ هَذِهِ الصَّحِيفَةِ مِنْ حَدَثٍ أَوْ اشْتِجَارٍ يُخَافُ فَسَادُهُ، فَإِنَّ مَرَدَّهُ إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , وَإِلَى مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى أَتْقَى مَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ وَأَبَرِّهِ .

- إِنَّهُ لَا تُجَارُ قُرَيْشٌ وَلَا مَنْ نَصَرَهَا .

- إِنَّ بَيْنَهُمْ النَّصْرَ عَلَى مَنْ دَهَمَ يَثْرِبَ . عَلَى كُلِّ أُنَاسٍ حِصَّتُهُمْ مِنْ جَانِبِهِمْ الَّذِي قِبَلَهُمْ .

الْمُؤَاخَاةُ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَآخَى رَسُولُ اللَّهِِِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَصْحَابِهِ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ وَخَارِجَةُ بْنُ زُهَيْرٍ أَخُو بَلْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، أَخَوَيْنِ .

وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعِتْبَانُ بْنُ مَالِكٍ أَخُو بَنِي سَالِمِ بْنِ عَوْفِ , أَخَوَيْنِ .

وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجَرَّاحِ، وَاسْمُهُ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَسَعْدُ بْنُ مُعَاذِ أَخُو بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ، أَخَوَيْنِ (6) .

وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَسَعْدُ بْنُ الرَّبِيعِ، أَخُو بَلْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، أَخَوَيْنِ .

وَالزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ، وَسَلَامَةُ بْنُ سَلَامَةَ بْنِ وَقْشٍ، أَخُو بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ، أَخَوَيْنِ .

وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، وَأَوْسُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ الْمُنْذِرِ، أَخُو بَنِي النَّجَّارِ، أَخَوَيْنِ .

وَطَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَكَعْبُ بْنُ مَالِكٍ، أَخُو بَنِي سَلِمَةَ، أَخَوَيْنِ .

وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ، وأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، أَخُو بَنِي النَّجَّارِ , أَخَوَيْنِ .

وَمُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرِ، وَأَبُو أَيُّوبَ خَالِدُ بْنُ زَيْدٍ، أَخُو بَنِي النَّجَّارِ , أَخَوَيْنِ .

وَأَبُو حُذَيْفَةَ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَعَبَّادُ بْنُ بِشْرِ بْنِ وَقْشٍ، أَخُو بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ , أَخَوَيْنِ .

وَعَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ، حَلِيفُ بَنِي مَخْزُومٍ، وَحُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ، أَخُو بَنِي عَبْدِ عَبْسٍ، حَلِيفُ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ , أَخَوَيْنِ .

وَيُقَالُ : ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ الشَّمَّاسِ، أَخُو بَلْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، خَطِيبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ , أَخَوَيْنِ .

وَأَبُو ذَرٍّ الْغِفَارِيُّ، وَالْمُنْذِرُ بْنُ عَمْرٍو، الْمُعْنِقُ لِيَمُوتَ، أَخُو بَنِي سَاعِدَةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ الْخَزْرَجِ , أَخَوَيْنِ .

وَحَاطِبُ بْنُ أَبِي بَلْتَعَةَ، حَلِيفُ بَنِي أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى, وَعُوَيْمُ بْنُ سَاعِدَةَ أَخُو بَني عَمْرو بْنِ عَوْفٍ، أَخَوَيْنِ .

وَسَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ، وَأَبُو الدَّرْدَاءِ، عُوَيْمِرُ بْنُ ثَعْلَبَةَ، أَخُو بَلْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، أَخَوَيْنِ .

وَبِلَالٌ، مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُُ عَنْهُمَا، مُؤَذِّنُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو رُوَيْحَةَ، عَبْدُ اللَّهِِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْخَثْعَمِيُّ، أَخَوَيْنِ .

فَلَمَّا دَوَّنَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ الدَّوَاوِينَ بِالشَّامِ، وَكَانَ بِلَالٌ قَدْ خَرَجَ إلَى الشَّامِ، فَأَقَامَ بِهَا مُجَاهِدًا، فَقَالَ عُمَرُ لِبِلَالٍ: إلَى مَنْ تَجْعَلُ دِيوَانَكَ يَا بِلَالُ ؟

قَالَ: مَعَ أَبِي رُوَيْحَةَ، لَا أُفَارِقُهُ أَبَدًا، لِلْأُخُوَّةِ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِِِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَقَدَ بَيْنَهُ وَبَيْنِي، فَضَمَّ إلَيْهِ، وَضُمَّ دِيوَانُ الْحَبَشَةِ إلَى خَثْعَمَ، لِمَكَانِ بِلَالٍ مِنْهُمْ، فَهُوَ فِي خَثْعَمَ إلَى هَذَا الْيَوْمِ بِالشَّامِ (7) .

قُلْتُ : كَانَتْ هَذِهِ المُؤاخَاةُ فِي دَارِ أنَسِ بنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ , فَفِي الصَّحِيحَينِ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ : حَالَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ قُرَيْشٍ وَالأَنْصَارِ فِى دَارِهِ الَّتِى بِالْمَدِينَةِ (8)

مَعَ الْيَهُودِ

كَانَ بِالْمَدِينَةِ قَبَائلُ مِن الْيَهُودِ , أَكْبَرُ هَذِهِ القَبَائلَ : بَنُو قَيْنُقَاع , وَبَنُو النَّضِير , وَبَنُو قُرَيْظَة .

وَقَدْ دَخَلُوا فِي مُعَاهَدَةٍ مَعَ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, كَمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ .

مَعَ مَا فِي نُفُوسِهِم مِنْ شِدَّةِ البُغْضِ وَالحَسَدِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَمَا آمَنَ مِنْهُم إلا قَلِيلٌ , فَفِي الصَّحِيحَينِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لَوْ آمَنَ بِي عَشَرَةٌ مِنْ الْيَهُودِ لآمَنَ بِي الْيَهُودُ " . وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ : " لَوْ تَابَعَنِى عَشْرَةٌ مِنَ الْيَهُودِ لَمْ يَبْقَ عَلَى ظَهْرِهَا يَهُودِىٌّ إِلاَّ أَسْلَمَ " (9)

قُلْتُ : يَعْنِي عَشَرَةً مِنْ أَحْبَارِهِم, كَمَا قَالَ بَعْضُ العُلَمَاءِ , وَإلا فَقَدْ آمَنَ بِهِ أ كْثَرُ مِنْ عَشَرَةٍ مِنْ عَامَّةِ اليَهُودِ (10).

وَلَمْ يَثْبُتْ أنْ حَبْرَاً مِنْ أَحْبَارِهِم آمَنَ غَيْرَ عَبْدِ اللهِ بنِ سَلاَمٍ (11) .

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَنَصَبَتْ أَحْبَارُ يَهُودَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَدَاوَةَ، بَغْيًا وَحَسَدًا وَضِغْنًا، لِمَا خَصَّ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ الْعَرَبَ مِنْ أَخْذِهِ رَسُولَهُ مِنْهُمْ، وَانْضَافَ إلَيْهِمْ رِجَالٌ مِنْ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ، مِمَّنْ كَانَ عَسِيَ (12) عَلَى جَاهِلِيَّتِهِ فَكَانُوا أَهْلَ نِفَاقٍ عَلَى دِينِ آبَائِهِمْ مِنْ الشِّرْكِ وَالتَّكْذِيبِ بِالْبَعْثِ، إلَّا أَنَّ الْإِسْلَامَ قَهَرَهُمْ بِظُهُورِهِ وَاجْتِمَاعِ قَوْمِهِمْ عَلَيْهِ، فَظَهَرُوا بِالْإِسْلَامِ، وَاِتَّخَذُوهُ جُنَّةً مِنْ الْقَتْلِ وَنَافَقُوا فِي السِّرِّ، وَكَانَ هَوَاهُمْ مَعَ يَهُودَ، لِتَكْذِيبِهِمْ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجُحُودِهِمْ الْإِسْلَامَ.

وَكَانَتْ أَحْبَارُ يَهُودَ هُمْ الَّذِينَ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَتَعَنَّتُونَهُ، وَيَأْتُونَهُ بِاللَّبْسِ، لِيَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ، فَكَانَ الْقُرْآنُ يَنْزِلُ فِيهِمْ فِيمَا يَسْأَلُونَ عَنْهُ، إلَّا قَلِيلًا مِنْ الْمَسَائِلِ فِي الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ كَانَ الْمُسْلِمُونَ يَسْأَلُونَ عَنْهَا.

مِنْهُمْ : حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ، وَأَخَوَاهُ أَبُو يَاسِرِ بْنِ أَخْطَبَ، وَجُدَيُّ بْنُ أَخْطَبَ، وَسَلَّامُ بْنُ مُشْكِمٍ، وَكِنَانَةُ بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ , وَسَلَّامُ بْنُ أَبِي الْحُقَيْقِ، أَبُو رَافِعٍ الْأَعْوَرُ، وَهُوَ الَّذِي قَتَلَهُ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَيْبَرٍ , وَالرَّبِيعُ بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ، وَعَمْرُو بْنُ جَحَّاشٍ، وَكَعْبُ بْنُ الْأَشْرَفِ، وَهُوَ مِنْ طَيِّئ، ثُمَّ أَحَدُ بَنِي نَبْهَانَ، وَأُمُّهُ مِنْ بَنِي النَّضِيرِ، وَالْحَجَّاجُ بْنُ عَمْرٍو، حَلِيفُ كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ، وَكَرْدَمُ بْنُ قَيْسٍ، حَلِيفُ كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ، فَهَؤُلَاءِ مِنْ بَنِي النَّضِيرِ.

وَرَافِعُ بْنُ حَارِثَةَ، وَرَافِعُ بْنُ حُرَيْمِلَةَ، وَرَافِعُ بْنُ خَارِجَةَ، وَمَالِكُ بْنُ عَوْفٍ، وَرِفَاعَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ التَّابُوتِ، وَعَبْدُ اللَّهِِ بْنُ سَلَامِ بْنِ الْحَارِثِ، وَكَانَ حَبْرَهُمْ وَأَعْلَمَهُمْ، وَكَانَ اسْمُهُ الْحُصَيْنُ، فَلَمَّا أَسْلَمَ سَمَّاهُ رَسُولُ اللَّهِِِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدَ اللَّهِ. فَهَؤُلَاءِ مِنْ بَنِي قَيْنُقَاعَ.

وَمِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ: الزُّبَيْرُ بْنُ بَاطَا بْنُ وَهْبٍ, وَعَزَّالُ بْنُ شَمْوِيلٍ، وَكَعْبُ بْنُ أَسَدٍ، وَهُوَ صَاحِبُ عَقْدِ بَنِي قُرَيْظَةَ الَّذِي نُقِضَ عَامَ الْأَحْزَابِ، فَهَؤُلَاءِ مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ. وَمِنْ يَهُودِ بَنِي زُرَيْقٍ: لَبِيدُ بْنُ أَعْصَمَ، وَهُوَ الَّذِي أَخَّذَ رَسُولَ اللَّهِِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نِسَائِهِ .

وَمِنْ يَهُودِ بَنِي حَارِثَةَ: كِنَانَةُ بْنُ صُورِيَّا .

وَمِنْ يَهُودِ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ : قَرْدَمُ بْنُ عَمْرٍو.

وَمِنْ يَهُودِ بَنِي النَّجَّارِ: سِلْسِلَةُ بْنُ بَرْهَامَ .

فَهَؤُلَاءِ أَحْبَارُ الْيَهُودِ (13) ، أَهْلُ الشُّرُورِ وَالْعَدَاوَةِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ، وَأَصْحَابُ الْمَسْأَلَةِ، وَالنَّصْبُ لِأَمْرِ الْإِسْلَامِ الشُّرُورَ لِيُطْفِئُوهُ، إلَّا مَا كَانَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ وَمُخَيْرِيقٍ .

قُلْتُ : أَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ, فَقَدْ جَاءَ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا نَزَلَ قُبَاءَ عِنْدَ قُدُومِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَنَظَرَ إلْيَهِ .

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ : لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ اسْتَشْرَفَهُ النَّاسُ فَقَالُوا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ .

فَخَرَجْتُ فِيمَنْ خَرَجَ فَلَمَّا رَأَيْتُ وَجْهَهُ عَرَفْتُ أَنَّ وَجْهَهُ لَيْسَ بِوَجْهِ كَذَّابٍ فَكَانَ أَوَّلُ مَا سَمِعْتُهُ يَقُولُ : " يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَفْشُوا السَّلاَمَ وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ وَصِلُوا الأَرْحَامَ وَصَلُّوا وَالنَّاسُ نِيَامٌ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلاَمٍ "(14) .

ثُمَّ جَاءَ إلْيَهِ يَسْأَلُهُ عَنْ أَشْيَاءَ , فَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : بَلَغَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ مَقْدَمُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ فَأَتَاهُ فَقَالَ لَهُ :

إِنِّي سَائِلُكَ عَنْ ثَلَاثٍ لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا نَبِيٌّ : مَا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ ؟ وَمَا أَوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ ؟ وَمَا بَالُ الْوَلَدِ يَنْزِعُ إِلَى أَبِيهِ أَوْ إِلَى أُمِّهِ ؟

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : خَبَّرَنِي بِهِنَّ آنِفًا جِبْرِيلُ . فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ ذَاكَ عَدُوُّ الْيَهُودِ مِنْ الْمَلَائِكَةِ .

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَمَّا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ فَنَارٌ تَحْشُرُهُمْ مِنْ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ . وَأَمَّا أَوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ فَزِيَادَةُ كَبِدِ الْحُوتِ . وَأَمَّا الْوَلَدُ فَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَ الْمَرْأَةِ نَزَعَ الْوَلَدَ وَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الْمَرْأَةِ مَاءَ الرَّجُلِ نَزَعَتْ الْوَلَدَ .

قَالَ : أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ .

قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الْيَهُودَ قَوْمٌ بُهُتٌ فَاسْأَلْهُمْ عَنِّي قَبْلَ أَنْ يَعْلَمُوا بِإِسْلَامِي .

فَجَاءَتْ الْيَهُودُ وَدَخَلَ عَبْدُ اللهِ البَيتَ .

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَيُّ رَجُلٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ فِيكُمْ ؟

قَالُوا : خَيْرُنَا وَابْنُ خَيْرِنَا وَأَفْضَلُنَا وَابْنُ أَفْضَلِنَا .

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ ؟

قَالُوا : أَعَاذَهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ فَأَعَادَ عَلَيْهِمْ فَقَالُوا مِثْلَ ذَلِكَ فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ عَبْدُ اللَّهِ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ .

قَالُوا : شَرُّنَا وَابْنُ شَرِّنَا وَتَنَقَّصُوهُ . قَالَ هَذَا كُنْتُ أَخَافُ يَا رَسُولَ اللَّهِ (15) .

قَالَ اللهُ تَعَالَى : { وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا (16) فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ (89) بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ (90) } البقرة

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ أَشْيَاخٍ مِنْ قَوْمِهِ، أَنَّهُم قَالُوا : فِينَا وَاَللَّهِ وَفِيهِمْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْقِصَّةُ، كُنَّا قَدْ عَلَوْنَاهُمْ ظَهْرًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَنَحْنُ أَهْلُ شِرْكٍ وَهُمْ أَهْلُ كِتَابٍ فَكَانُوا يَقُولُونَ لَنَا : إنَّ نَبِيًّا يُبْعَثُ الْآنَ نَتَّبِعُهُ قَدْ أَظَلَّ زَمَانَهُ، نَقْتُلُكُمْ مَعَهُ قَتْلَ عَادٍ وَإِرَمَ. فَلَمَّا بَعَثَ اللَّهُ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قُرَيْشٍ فَاتَّبَعْنَاهُ كَفَرُوا بِهِ .

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَالْغَضَبُ عَلَى الْغَضَبِ ؛ لِغَضَبِهِ عَلَيْهِمْ فِيمَاكَانُوا ضَيَّعُوا مِنْ التَّوْرَاةِ، وَهِيَ مَعَهُمْ، وَغَضَبٌ بِكُفْرِهِمْ بِهَذَا النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي أَحْدَثَ اللَّهُ إلَيْهِمْ.

ثُمَّ إنْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْلَى مِن الْمَدِينَةِ يَهُودَ بَنِي قَيْنُقَاعٍ , وَيَهُودَ بَنِي النَّضِيرِ, بِسَبَبِ غَدْرِهِم وَنَقْضِهِم لِلْعَهَدِ , وَأَمَّا يَهُودُ بَنِي قُرَيْظَةَ, فَكَانَ مَصِيرُهُم أسْوَأَ مَصِيرٍ, بِسَبَبِ غَدْرِهِم وَتَآمُرِهِم عَلَى المُسْلِمِين فِي مَعْرَكَة الخَنْدَقِ . وَسَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى .

 

ـــــــــــ

الحاشية:

(1) الحب : الجَرَّة . وقد جاء بهذا اللفظ في بعض روايات الحديث .

(2) إسناده صحيح . وأخرجه مسلم ( 2053 ) من طريق أفلح مولى أبي أيوب عن أبي أيوب رضي الله عنه , وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم تحوَّل إلى العلو, وأبو أيوب إلى السفل . بعد أن قال له أبو أيوب : لا أعلو سقيفةً أنت تحتها . ولم يذكر فيه قصة انكسار الجرَّة .

(3) مرسل قوي . عاصم بن عمر بن قتادة, من أئمة أهل العلم والسير, تابعي جليل, يروي عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه وغيره من مشيخة المهاجرين والأنصار .

(4) هذه المعاهدة لم تثبت تفاصيلها من الناحية الإسنادية , وابنُ إسحاق أوردها من غير إسناد , لكن بعض بنودها ورد في أحاديثَ أخرى مسندة صحيحة , كما جاء ذكرها مجملاً في بعض الأحاديث الصحيحة , كما في صحيح مسلم ( 1507 ) من حديث جابر , ومسند الإمام أحمد ( 2 / 204 ) من حديث أنس بإسناد فيه ضعف, لكن يشهد له حديث جابر . إضافةً إلى ذلك أن أبا عُبيدٍ القاسم بن سلاَّم روى تفاصيل الوثيقة في كتابه ( الأموال 530 ) بإسناد صحيح عن الزهري قال : بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب بهذا الكتاب .. فذكره . ما يدل على أن للوثيقة التفصيلية أصلاً , والله تعالى أعلم .

(5) يعني من أهل المدينة ؛ فإن المدينة لم يزل بها مشركون في ذلك الوقت .

(6) الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم آخى بين أبي عُبيدة بن الجرَّاح وبين أبي طلحة , كما في حديث أنس بن مالك في صحيح مسلم ( 2528 )

(7) أي إلى زمن محمد بن إسحاق المتوَفَّى سنة ( 151 هـ ) في خلافة أبي جعفر المنصور العباسي .

(8) صحيح البخاري ( 2294 ) , وصحيح مسلم ( 2529 ) واللفظ له .

(9) صحيح البخاري ( 3941 ) واللفظ الأول له , وصحيح مسلم ( 2793 ) واللفظ الآخر له .

(10) فتح الباري ( 8 / 741 )

(11) المصدر السابق

(12) يقال : عَسِىَ النبات عَسَاءً وعُسُواً , إذا غلظ ويبثس . وعستْ يده عن العمل : غلظت عن العمل . ( المعجم الوسيط )

(13) قد حذفت بعض الأسماء , فليس في ذكرها كبير فائدة .

(14) أخرجه الترمذي ( 2485 ) , وابن ماجه ( 1334 ) , والدارمي ( 1460 ) , وأحمد ( 5 / 451 ) , والحاكم ( 3 / 13 ) , بإسناد صحيح .

(15) أخرجه البخاري ( 3938 ) . أما مُخيريق , فالمشهور عند علماء السير أنه كان من يهود المدينة, وأنه خرج إلى أحد من غير سابق إسلام فقاتل مع المسلمين حتى قتُل مسلماً , وأوصى بامواله وكانت سبعة حيطان بالمدينة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم , فجعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقةً . وذكر ابن إسحاق أنه كان حَبراً عالماً , فالله تعالى أعلم .

(16) أي : يستنصرون عليهم بالنبي المرتقب .